علاقة علم الآثار بالتاريخ

علاقة علم الآثار بالتاريخ

 

مفهوم كلمة آثار ومدلولاتها كلمة الآثار (Archaeology) هي الكلمة اليونانية الأصل التي تتألف من مقطعين الأول (Archaeo) وتعني قديم أو عتيق و (Logos) معناه دراسة أو معرفة أو علم فبالتالي كلمة (Archaeology) دراسة القديم أو العتيق. فلهذا نجد أن علم الآثار هو العلم الذي يبحث عن ماضي الإنسان القديم أي علم التحري الدقيق عن ماضي الإنسان وقد تعددت تعريفات هذا العلم وفقاً لتطور مناهج دراسته والمغزى الأساسي من دراسته، ولكن أجمعت كل المحاولات على أنه دراسة الماضي البشري من خلال المخلفات المادية التي تركها الإنسان على الأرض. وهو علم لا يتجزأ من العلوم الإنسانية إذ أن علم الإنسان عبارة عن ميدان تجتمع فيه كل الأبحاث الرامية نحو دراسة الإنسانية، وإن كان علم التاريخ يبحث عن تاريخ الإنسانية فعلم الآثار هو آداة الكشف عن مراحل الإنسانية، ليس هذا فحسب بل يشكل عمر البقايا الأثرية 95% من تاريخ الإنسان أي المراحل التي سبقت ظهور الكتابه في عمق التاريخ الإنساني ويشكل عمر المراحل التي ظهرت فيها الكتابة 5% من تاريخ الإنسان على الأرض. ارتبط علم الإنسان بعلم الآثار في ضروب شتى وأصبح أغلب الباحثين يبحثون عن حقيقة الثقافة الإنسانية وتوريخها وتطورها يلجأون لعلم الآثار خصوصاً في تحديد الأعراق البشرية وهوية المجتمعات الإنسانية وثقافاتها وفك النزاعات حول الحدود الجغرافية والاستعانة به في وضع استراتيجات المستقبل خلال الدراسات المتعمقة للشعوب القديمة، لذلك نجد أن علم الإنسان عموماً له ثلاثة فروع مهمة وهي:-

 1-علم الإنسان الفيزيائي : ويدرس هذا الفرع تطور الحياة البيولوجية والسلالات الإنسانية ويدور حول تطور البشر والحيوان. 2-علم الآثار : وهو العلم الذي يسعى إلي اكتشاف طبيعة الثقافات الإنسانية في العصور القديمة. 3-علم الإنسان الثقافي وهو الذي يعالج المسائل التاريخية عند تتبعه لمجرى التطور البشري، وانتشار البشرية على سطح الأرض ونشأة الثقافات الإنسانية. وقد كتب أحد الكتاب الرومان ويدعى (دنيس دليكارنس) في عهد الامبراطور الروماني أغسطس تاريخ وحروبها مع قرطاجة وأطلق على ذلك (الآركيولوجيا الرومانية) وقد ظهرت كلمة آركيولوجيا بمعنى خاص في القرون الأولى الميلادية وكان لها مدلولات كثيرة ففي البلدان التي تتحدث اللغة اليونانية على نوع من الممثلين مثل ممثلي الدراما الذين يمثلون الأساطير القديمة على المسرح. لم تذكر كلمة آثار في اللغة اللاتينية وكذلك اللغة العربية وكذلك نجد أن كلمة تاريخ وآثار لم ترد في القرآن الكريم اصطلاحاً ولكن وردت معاني الكلمتين في الآية الكريمة (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفترى) صدق الله العظيم. ولم يذكرها العرب في الحاهلية، وقد ظهرت كلمة تاريخ لأول مرة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وربما أخذت من اليونانية، كذلك لم تظهر في الأحاديث النبوية الشريفة ويعتقد أنها مستمدة من الكلمة السامية التي تعني القمر أو الشهر وهي اللغة الأكادية ظهرت (أرخو) وفي اللغة العبرية (يرخ) وربما كانت تعني التوقيت حسب القمر. لقد بعثت كلمة آثار في القرن السابع عشر بواسطة الفرنسي (جان سبون) من مدينة ليون حيث كان يخلط بين كلمة آركيولوجيا وآركيوجرافيا بمعانها الشامل أي كل الأعمال البشرية التي يعثر عليها تدخل تحت مظلة علم ما قبل التاريخ وعلم الآثار والبعض يقول أن علم الآثار يبدأ من العصور الحجرية الأولي حتى القرن الثامن عشر. هناك علوم آثار لم تنشأ في آن واحد وكل منها يهتم بأنواع من الأشياء مختلفة عن بعضها فمثلاً علم آثار ما قبل التاريخ يدرس الأدوات المصنوعة من الحجر وشقف الفخار والزخارف والرسوم الصخرية البدائية في حين أن علم الآثار الاغريقية يركز على بقايا الآثار الفنية والزخرفية. ومن هنا يمكننا القول بأننا عندما نتحدث عن البقايا والمخلفات نقصد الآثار المادية التي احتفظ بها الزمن والتي تقف شاهداً ملموساً يرشدنا إلي معرفة نشاط الأقدمين، لا تلك الآثار المبهمة التي ورد ذكرها في الكتب التي تمت كتابتها في عصرنا التاريخي وبتعبير القديم والذي هو بلا شك تعبير مهم وغير محدد نجد نفسنا نقصد الفترة التي لم تتبقى منها آثار مكتوبة على الاطلاق أو بأحجام لا تمكننا من إثراء معلوماتنا في حالة وجودها بالشكل الذي أصبح معه ذلك ممكناً بعد اكتشاف الطباعة قبل قرون معدودة. أما كلمة علم فالمقصود بها التأكيد على حقيقة أن الآركيولوجيا تشكل نهجاً مبدعاً بحيث يتم تثبيت حقيقة أن الآركيولوجيا تختلف اختلافاً جذرياً عن عملية جمع التحف ذات الطابع التجميعي، بالاضافة إلي ذلك يتميز علم الآثار بجانبين علمي وفني وهو أيضاً دراسة متسلسلة للقدم وانشاء التاريخ القديم للأمم والشعوب من خلال دراسة مخلفات المباني والمدافن والأدوات الانتاجية والبقايا المنزلية وأدوات الزينة التي ترجع للعصور التي لم يبقى منها عدا القليل النادر من المصادر المكتوبة أو التي تنعدم منها تلك المصادر – نهائياً. فعلم الآثار بكل مفاهيمه يعني دراسة جميع الأشكال الموجودة الملموسة والمتطورة التي تشير إلي دلائل النشاط البشري القديم، وكل هذه البقايا تجسد سلوك وأفكار الإنسان القديم أي ثقافته ويعتمد في دراستها على التعرف على التغير الثقافي عبر الحقب الزمنية ووفقاً لقانون الآثار أن أي قطعة تدل على ثقافة بشرية تجاوز عمرها 100 عام أي قرن من الزمان دخلت مفهوم الآثار وأصبحت من اهتمامات علم الآثار. أهمية دراسة الآثار مما لا شك فيه أن علم الآثار كجزء من علم الإنسان يهتم أولاً وأخيراً بدراسة ثقافة الإنسان القديم من خلال جوانبها المادية التي بالإمكان التوصل عبرها إلي الحياة في الأزمان القديمة وبالطبع إن نسبة القدم أو الحداثة في الزمن الذي يدرسة علم الآثار لها تأثير مباشر على نوع واختلاف المادة الثقافية التي يتوصل إليها العلم من خلال البحث. دراسة الآثار دراسة لم يعرفها الأقدمون وقد ظهرت في شكل جمع التحف المختلفة التي خلفتها الشعوب السابقة ثم بدأت الخطوة الثانية من دراسة علم الآثار متمثلة في البحث عن التراث القديم فإتسعت دائرة علم الآثار من المتاحف إلي دراسة الأبنية القديمة حتى إلي مرحلة التنقيب والحفر عن آثار الماضي في كثير من بلاد العالم وخاصة بلاد الشرق القديم. فالآثار هي المصدر الأول الذي يستقى منه أنقى عناصر المعرفة وأصدق صورها التي تعين الدارس على معرفة ألوان الحياة القديمة في نواحيها المختلفة، ذلك لأنها عاصرت الأحداث فأشركها القدماء عن قصد أو عن غير قصد في تخليد حضارتهم ولكنها مصادر شاقة فالآثار كثيرة ولا تزال الكثير منها في باطن الأرض كذلك يحتاج التعرف عليها إلي الخبرة والصبر كما يقودنا العثور عليها إعادة النظر دائماً في معلوماتنا وآرائنا واسلوب الحفر الذي تقوم به ، وهذا إلي أن قلة تراث بعض العصور المظلمة يجعل تسلسل الأحداث والتطور الحضاري تتخلله فجوات وثغرات. إن ما تبقى من آثار الشعوب بهر العالم الحديث وخاصة أهل العلم والمعرفة وعشاق الفنون بل والباحثين أنفسهم المتخصصين في هذا المجال، إذ أنهم وجدوا كثيراً من الشواهد التي تثبت تأثير علم الآثار في ميدان المعرفة والحكمة والعلوم الأساسية والإنسانية – إن وجود الإنسان ثقافياً وكذلك تاريخه الثقافي في نظر علماء الآثار يبدأ من اللحظة التي استعمل فيها الإنسان الأدوات التي تعيينه على مواجهة متطلبات الحياة الأساسية من معيشة أو سكن أو أي نشاط بشري آخر، وأن ما يتم العثور عليه من مواد خلفها ذلك الإنسان الأول تكون أثراً دالاً على تجربته ومؤرخاً لعصره. إن المعرفة هي حصيلة تتراكم على مر الزمن ويساعد علم الآثار على مدها بالمعلومات، أما الأفكار والمفاهيم والفرضيات نجد أن تطورها متفاوت حسب النمؤ والتطور في مختلف ميادين الفكر ولعل أقصى ما يمكن أن يفيد الإنسانية من دراسة الآثار هو السياحة العلمية المتعمقة لنشاطات الماضي وتمرحلها في البقايا الأثرية المختلفة من تشابك وتلاؤم وما يمكن أن يكون سبب في ظهور تلك الثقافات وبالطبع هذه النتائج العلمية تفيد شتى ضروب العلم – الدين - الحرب والسياسة. كما أن الإحاطة والعلم بتطور المجتمع البشري خلال العصور المختلفة يجعل الإنسان ملماً بتبلور العقل البشري ومقاومته لظواهر البيئة التي انعكس تأثيرها على ثقافاته وأن التعرف على تلك الأزمان السحيقة يقوى الايمان بالله خصوصاً العوامل التي أدت إلي انهيار الحضارات العظمى ودفع الله الناس بعضهم بالبعض وتعمير الأرض والتطورات الصناعية والانقسامات في المجتمعات والمرتكزات الاقتصادية، والآن نرى أن الدول العظمى من حولنا تتخذ من الآثار علم يفك النزاعات السياسية والحدودية ومدخل لمعرفة تطور العقل والعلم البشري واثبات هوية الشعوب الحالية ومدخل اقتصادي ضخم في السياحة وجلب السواح وتأسيس البنية التحتية للدولة ولا يخفى ما للسودان من مادة غنية في هذا متمثلة في كمية وتنوع المواقع الأثرية وثراء المادة الأثرية بتلك المواقع وفي المتاحف لا سيما وجودها في مناطق جاذبة طبيعياً لتشد انتباه الزائر والسائح إلي عظمة هذا القطر والتطور الثقافي لإنسانه منذ القديم الأزل وفي ذلك مدخل واسع الجوانب لاحتاحة فرص العمل للآثاريين ويفتح آفاقاً أرحب لتنشيط حركة العمل لأصحاب الفئات الأخرى من الأعمال التي يحتاجها السواح. الآثار في الفترات الكلاسيكية والعصور الوسطى أبدت المرحلة الكلاسيكية في القرون الميلادية الأولى اهتمام بالآثار ، ظهر في المدرسة الكلاسيكية التي قامت بجمع المقتنيات القديمة، خصوصاً ما يكتنزه الملوك عن اجدادهم والمجتمع عن من سبقه، وظهرت القفزات الأولى في حب التراث والمعرفة في القرن التاسع عشر حيث كانت مساهمات العلماء من دول اسكندنافيا (شمال أوربا) والدنمارك هي الأساس القوي الذي قدم مساهمات تركت صدى حتى الآن في تقسيم المراحل التطورية للثقافة مما أدى لانفتاح العالم الغربي على مناطق الشرق (مصر – بلاد الشام – فلسطين – العراق – ايران وتركيا). لم يكن الاهتمام بالآثار قبل القرن الثامن عشر بقدر كبير أكثر من الحرص على جمع مقتنيات أثرية تجمع بواسطة شخص أو أشخاص مهتمين اهتمام فضولي وليس علمي ويعتبر هو اسلوب من أساليب علم الآثار ، حيث أن المغزى من جمع التحف وترتيبها وتنسيقها في شكل مجموعات من أجل التعرف على الأشياء الغائبه على المجتمعات الحالية لأنها تفسر عقل الإنسان الماضي وتفكيره. من الشعوب القديمة التي اهتمت بالآثار:- الأغريق والرومان: تعتبر أكبر الشعوب التي سيطرت مساحة جغرافية واسعة وشغلت فترات زمنية طويلة وكان لهم انجازات كبيرة في مجال الفنون مثل (التحف والموسيقى والمسرح والتصوير) وفي مجال العلوم (الطب) وفي مجال المعمار (البناء) وقد خلفوا ذلك في آثارهم. فالرومان والأغريق كانوا متمكنين في مجال الفن وكانوا مهتمين بالزيارات الوصفية وخلفوا كثيراً من الكتب والمؤلفات وكانت حضارات مشهورة ولها نشاطات ومن أشهر مجالاتهم الفلسفة وهم الذين أرسوا أساس الفلسفة وكان الاهتمام بكل الأشياء من خلال الفلسفة، أيضاً كان الاهتمام بالآثار من باب الفلسفة مثل أرسطو وقد طرحت الكثير من الأسئلة التي تتناول جوانب الثقافة القديمة وتتحدث عن أصول الإنسان وأصل الوجود والتغيرات، وعندما بدأ الأغريق رأوا أنهم لابد أن يعرفوا تاريخ أجدادهم وحاولوا وجود أدلة تؤكد الإرث الأغريقي وبدأت تظهر بعض الكتابات مثل الكتاب الأغريق والرومان ومنهم: 1-هوميروس (Homerous) صاحب الالياذة المشهورة التي كتب فيها تصور لمراحل تكوين الكون في قصيدته والتي ذكر فيها الحياة عبر عصور قديمة. 2-هيزود (Hezoid) اهتم بجانب تطور تاريخ الإنسان وله مشروع تقسيم الفترات التاريخية لمراحل مختلفة وقد اعتمد على المعالم الأثرية، في تحديد الزمن وكان تقسيمه دون علميه وشابه نوع من الفلسفه والخيال عندما قسم العصور القديمة إلي العصر الذهبي – الفضي – البرونزي – الحديدي. ويوجد عصر انتقالي بين البرونزي والحديدي وذكر أنه في العصر الذهبي كان الناس يعيشون حياة رغدة ثم في العصر الفضي كانت الحياة فيها قليل من الصعوبة وفي العصر الحديدي وصف الحياة بعصر الأحزان والمتاعب. ومن بعد هذه المرحلة الزمنية لتاريخ الآثار في العصور الوسطى بدأ الكتاب يميلون إلي الواقعية في تعريفهم للماضي بالاكتشافات وأصبح مشروع التقسيم الزمني له علاقة بالواقع التاريخي. بدأ الإغريق والرومان الحديث عن الحضارات القديمة ومن الكتاب الذين كتبوا عن مصر أمثال هيرودوت الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد، وتعتبر هذه البدايات انجاز كبير وهي التي أحدثت قفزة كبيرة والتي تجسدت في دخول اسلوب البحث الاثنوغرافي الذي ظهر في كتابات منها:- 1-تاتيوس (Taitus) باحث ودارس ومن انجازاته أنه قدم وصف اثنوغرافي في شمال أوربا وعلى وجه التحديد شعوب الجرمان. 2-يليوس قيصر (Giesur) ملك ورجل مقاتل وقائد جيوش ويعتبر الرجل الثاني في العالم وهو حاكم روماني مشهور قام بفتوحات في شمال أوربا ومناطق الشرق ومن انجازاته قدم وصف اثنوغرافي للشعوب البريطانية – وتعتبر هذه الدراسة الاثنوغرافية في تاريخ علم الآثار كان يقصد بها دراسة الأعراق السكانية الموجودة – ثقافتها – العادات والتقاليد الخاصة بها – المباني - أدوات الحرب – الموسيقى وكثير من الأشياء التي تدخل في الحياة اليومية، وكانت البحوث الاثنوغرافية في شرق إفريقيا مدخل للاستعمار. 3-ليوكارتيوس (Lucratius) وصف بأنه الأب الأول لآثار ما قبل التاريخ (Father of Prehistoric Archaeology) اهتم بالعصور الحجرية. ونجد أن الإغريق والرومان كان اهتمامهم بالآثار في ايطار الفلسفة السائدة التي كانت تتحكم في كل شئ لكنهم لم يقوموا بأي حفريات ولم يقوموا بوصف مفصل للمواقع الأثرية وجل ما كان عندهم هي محاولات لفهم الماضي. ويمكن حصر تاريخ الآثار في العصور الوسطى في مراحل: 1-فترة انفتاح العالم الغربي على مناطق الشرق القديم. 2-ظهور ما يعرف بالنظرية الآثارية (Archaeological Theory). حيث بدأ الباحثين يخرجوا عن النظام التقليدي (الوصفي) وأخذوا بوضع أسئلة وفرضيات تساعدهم في شرح وتحليل القطع الأثرية وأصبحت مرتبطة بالأيديولوجية السياسية والاجتماعية ووضع أسس لعلم الآثار . 3-شهد علم الآثار مراحل تطور من خلال ظهور علاقة علم الآثار بالعلوم الأخرى وظهرت فيه تخصصات جغرافية وعلم آثار الفترات التاريخية. وظهرت تخصصات في المادة الأثرية مثل دراسة الفخار ودراسة العظام البشرية والحيوانية والطيور ودراسة المعادن لتقدير عمر الآثار واهتم علم الآثار بمسألة التداخل العرقي. 4-مرحلة شهدت ظهور تخصصات دقيقة في علم الآثار مثل تخصص علم الآثار البيئي (Environmental Archaeology) والذي يتناول دراسة عناصر البيئة القديمة للتعرف على تغيرات البيئة السائدة منذ آلاف السنين وظهر تخصص علم الآثار البحري (Under Water Archaeology) والذي يتعامل مع السفن الغارقة منذ سنين بعيدة وبعض المدن الغارقة. 5-حركة جمع التحف في العصور الوسطى في أوربا: كان لحركة جمع التحف في أوربا خلال العصور الوسطى أثر في تطوير علم الآثار على مراحل ابتداءً من مرحلة جمع التحف التي فيها جانب من الفن ولكن نجد أن اهتمام الدارسين بالأشياء في هذه المرحلة ليس لها بعد جمالي لأغراض الزينة وإنما تاريخ الفن. تعتبر تلك الحركة التي ظهرت في ايطاليا أول حركة جمع منظم في القرن السادس عشر الميلادي ولكنها ارتبطت بالفنون الجمالية للتحفة. وعلى الرغم من ذلك يمثل القرن السادس عشر بدايات الاهتمام بجمع ما خلفته العصور الكلاسيكية قبلهم في أوربا وقد ساعد ذلك على الاهتمام بالآثار القديمة مما أدى لتجميع التحف التي مازالت محفوظة حتى اليوم ثم ظهرت مدن رئيسية في أوربا عندما أصبحت ايطاليا مركزاً لجمع التحف التي يرتادها الناس ومن بينها مدينة (روما) و(فلورنسا) حيث أصبحت هاتين المدينتين مراكز رئيسية تجمعت فيها أعداد ضخمة من حيث التحف ، ثم انتقلت إلي مدن أخرى مثل باريس وبرلين. سلبيات انتشار عملية الجمع على علم الآثار: 1-أصبحت عملية تسويق التحف كظاهرة تجارية مثل أي سلعة. 2-تدمير الآثار الفنية عن طريق الحفر العشوائي وتحطيم التماثيل دون النظره إلي قيمتها التاريخية. 3-كذلك اتجهت عملية الجمع نحو الشرق القديم مما أدى لمزيد من التحف الأثرية القديمة وأدى ذلك لقيام مراكز جديدة وأصبح اليونان مرتع للطالبين المتعة بالتحف القديمة. تاريخ علم الآثار خلال القرن السابع عشر والثامن عشر الميلاديين إن ما تعرضت له الامبراطوريات القديمة وبخاصة الإغريقية والرومانية تسبب في إندثار الأفكار التي سادت في العالم الكلاسيكي عن الإنسان القديم، لا سيما ما سجله بعض الفنانين والرحالة خلال القرون الميلادية الأولى، فقد قدم لنا هيسود (Hesiod) ولوكريتسو (Lucrctius) تصورات استدل بها قصة خلق العالم والإنسان وقصة الطوفان الذي عم العالم، كما جاء في سفر التكوين وهناك العديد من الكتابات لبعض الأحداث والتي وقفت شاهداً عليها كسجلات تاريخية واستفاد منها جامعوا التحف والهواة خلال القرن السادس عشر والسابع عشر في التعرف على بعض مزايا حياة الإنسان القديم، ونجد أنه مع ظهور عصر النهضة التعليمية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر عاد الاهتمام بالفترة الكلاسيكية وكتابها أمثال لوكريتس وأرسطو (Aristotle) وهيسود وهيرودوت وأعيدت قراءة ما جاءوا به وهناك بعض الأعمال مثل تعليقات على حرب الغال لقيصر وأغريكولا (Agricola) وألمانيا لتاكيتس (Tacitus) التي تضمنت وصفاً لحياة البرابرة في وسط أوربا وشمالها من شعوب السلتين والغال والألمان والبريطانيين والغوط، ووصفوا ذلك المجتمع ، وتجدر الإشارة هنا إلي أنه بعد سقوط روما وانتشار المسيحية تحولت النظرة للماضي عندما نادى أوغستين (430 م ) بأن التاريخ لا يعيد نفسه وإنما يسير نحو غاية محدده مرسومة وأنه يسير في طريق لا رجعة فيه وقد أثرت تلك الأفكار كثيراً على كتاب عصر النهضة ، أما عند موقف علم الآثار في افريقيا فلابد أن نقف عند بن خلدون (1332 – 1406 م) والذي عاش في شمال إفريقيا وترك أعمالاً ضخمة فيها الكثير من المعلومات عن التاريخ والمجتمع وتطورة. وخلال القرن السادس عشر بدأ الرحالة والباحثين الإيطاليين يبحثون في التعرف على العصر الكلاسيكي وآثار الشرق الأدنى ويصفوها ويبدون إعجابهم بها كما أن القساوسة والرهبان بدأوا يجمعون التحف والآثار وحولوا منازلهم إلي متاحف خاصة وقامت الجمعيات الخاصة خلال القرن السادس عشر. لقد شهدت الفترة من (1750 – 1880م) أي عصر النهضة الثاني شهدت تجدد في الاهتمام بالدراسات الكلاسيكية حيث تم اكتشاف آثار العالم الكلاسيكي على أيدي علماء فرنسيين وألمان وإنجليز، وبدأ بعض الرحالة برسم آثار أثينا وقد قامت أول حملة لاكتشاف الآثار الأيونية 1764م وفي الوقت نفسه الذي كانت فيه تلك الحملة تعمل في أثينا بقيادة استيوارت وريفت كان هناك أثنان من الانجليز هما روبرت وود (Robert Wood) وجيمس دوكنز(James Dawkins) يقومان بجولة في آسيا الصغري والشرق الأدنى وكتبا عن خرائب بالميرا 1753م وخرائب بعلبك 1757م. خلال القرن الثامن عشر قد تدهور حماس جامعي التحف الايطاليين وتضاءل وانتقل كثير من التحف الرومانية إلي باريس ومدريد وبراغ فعندما كتب يواخيم ويتكلمان (Jochium Wichelman) كتابه الشهير تاريخ الفنون (History of Arts 1763 - 1768) لم يجد غير روما ما يزوده بالمادة الأساسية للكتاب، وقد تزامنت الاكتشافات الأثرية في البلاد الكلاسيكية مع جمع التحف ووصفها خلال القرن السابع عشر والثامن عشر الميلاديين فنج أن المدن القديمة استمدت أهميتها في تاريخها وتاريخ علم الآثار بها من التدمير الفجائي الذي لحق بهما نتيجة لبركان فيسوف 79م وبالقرب من مدينتي ستاليا وغراغناتو استمرت الحفريات من 1749 – 1782م وقد أسفرت الحفريات عن اكتشاف أثنتي عشر فيلاً. لقد أثرت الاكتشافات والاهتمام بالآثار الكلاسيكية على الذوق وفن التصميم في أوربا في القرن الثامن عشر الميلادي وقد كان الرحاله الأوائل من العرب والإغريق على معرفة بالآثار المصرية الشاخصة أمثال هيرودوت الذي لقب بأبو التاريخ وقام برحلات في بلاد مصر وكتب عن التحنيط والاهرامات وأمثال ديودور الصقلي واسترابو وبوسانيس وبليني الكبير، اهتم الرحاله العرب الذين زاروا مصر في العصور الوسطى باهرامات الجيزة وتركزت اهتماماتهم على جمع الكنوز من المقابر وخلال القرن السادس عشر والسابع عشر وكذلك الثامن عشر كان الرحاله قد تجاوزوا القاهرة واهرامات الجيزة وفي عام 1610م وصف رجل انجليزي يدعى سانديس طريقة دخولة إلي الهرم الأكبر وأوضح أن الهرم ليس مستودعاً للكنوز وإنما هو مقبرة لأحد الملوك. ويظهر تطور علم الآثار في مصر من خلال تزويد نابليون بونابرت لحملته بأمهر العلماء والرسامين ليتمكنوا أثناء الزحف من رصد جغرافية مصر ومواردها وآثارها وكذلك منطقة بابل والموصل في آشور، وقد جمع الرحاله من تلك التلال التي ذكرتها كتب التراث اليهودية والعربية بأنهما موقعا مدينتي بابل ونينوي، جمع منها أواني فخارية وقطع طينية وبقايا ألواح مغطاة بالخط المسماري كالآت وجدت على القطع الفارسية القديمة وفي عام 1765م زار العالم الدنماركي كارستن نيبور (Carsten Niebur) خرائب برسيبوليس وأعد نسخاً للخطوط الموجودة فيها. وهكذا نجد أن القرنين السابع عشر والثامن عشر كانا نواة في تاريخ علم الآثار ببداية البحث عن الحياة القديمة ومحاولات في التعرف على جوانبها العامه. تطور علم الآثار خلال القرن التاسع عشر ظهرت في القرن التاسع عشر ملامح هامة في مجال علم الآثار : 

 

 1-ظهور البدايات المنتظمة لأعمال الحفر الآثاري وخاصة في المواقع اليونانية.

 2-ظهور العلماء الألمان وبدأت جمعيات مختلفة تعمل في مجال علم الآثار من دول اسكندنافية ولم يعد علم الآثار محتكراً على الإنجليز والإيطاليين . 3-استمرار ظاهرة جمع التحف. 4-بدأت تختفي المجموعات الشخصية وحلت محلها المجموعات المتحفية – وبدأت تظهر نزعات جديدة تهتم بدراسة آثار ما قبل التاريخ. 5-الدراسات والاكتشافات في أوربا أظهرت الكثير من من التساؤلات المتعلقة بماهية الإنسان القديمة - كيف كان تطوره وكيف نشأ وماهي العوامل التي كان الإنسان يبقى في ظلها وغذاء الإنسان ومعيشته. 6-استمرار ظهور الجمعيات والاكاديميات المتخصصة في الآثار – وأصبح هناك مجال واسع للبحث والدراسة. 7-تطورت طرق توريخ الآثار والمادة الأثرية وتعتبر هذه من أبرز الملامح التي ميزت علم الآثار في القرن التاسع عشر إذ ظهر معها نظام العصور الثلاثة. وأصبح علم الآثار يتحرر من جمع التحف وعدم ارتباطه بالفترات الكلاسيكية وأصبح يعتمد على الاكتشافات والدراسات والحفريات والاهتمام بالآثار في بلاد الشرق أدى لظهور كثير من علماء الآثار إلي أن توصلوا إلي نظام العصور الثلاث الذي يرجع الفضل فيه إلي باحثين من دول اسكندنافيه العالم الدنماركي راسماس ينرب (Rasmes Nyurub) الذي بادر بانشاء المتحف القومي بالدنمارك وهو أستاذ بجامعة كوبنهاجن وأراد أن يجمع عدد كبير من الآثار ليقوم بدراسة عصور ما قبل التاريخ وبمجهوداته الخاصة قام بتجميع الآثار ووضعها في شكل مجموعات وصنفها في كثير من كتاباته وقد ظهر عجزه في عدم تصنيفها صحيحاً ولكنه يعتبر من فتح الطريق للتصنيف والتساؤلات مما جعل الحكومة الدنماركية في عام 1707م تصور قرار بالاهتمام بالآثار وكان يذكر بأن الصور الكلاسيكية ليست هي كل التاريخ وعلى هذا الضوء تم انشاء الجمعية الملكية لصيانة الآثار القومية، وأصبح مسؤل عنها طومسون (Tomson) في عام 1819م ويعتبر متحف الدنمارك أول متحف على أساس فكرة تقسيم العصور التي بادر بها فيديل سموسن (Vedel Sumonsen). ملامح تطور علم الآثار في أوربا خلال القرن التاسع عشر: إن ظهور الجمعيات المتخصصة بالبحث الأثري في أوربا شكل جانب هام من جوانب تطور علم الآثار بأخذ جانب علمي لأن الجمعيات المهتمة بتوظيف علم الآثار كانت موجودة منذ القرن السابق وعليه اختلف اتجاه تلك الجمعيات في القرن التاسع عشر وأصبحت أهدافها تتمثل في:- دراسة الآثار بطريقة علمية ومن الوسائل المرتبطة بالجمعيات المختصة ظاهرة الاتجاه نحو مناطق الشرق وبالذات مناطق بلاد الإغريق ومصر التي كان البحث فيها مرتبط بالحملة الفرنسية وبلاد الشام وفلسطين والعراق – ايران وأفغانستان. بدأ الصراع في الفكرة العامة وراء الجمعيات في هذا القرن من توجيه البحث داخل أوربا وخارجها ولأن كل دول الشرق كانت تمثلها أوربا في القرن العشرين نتيجة الاحتلال الذي كان له مقدمات في القرن التاسع عشر من خلال معرفة الأوربيين بثقافات المجتمع في دول الشرق والتي بها الجمعيات الأثرية التي كانت نواة للاستعمار الأوربي في القرن العشرين ولم يعد مجرد حصول على تحف كما كان في القرون السابقة، بل أصبح له مساهماته في رسم الفكر الأيديولوجي. ومن أمثال تلك الجمعيات: الجمعيات اليهودية: هي جمعيات دينية تحت الإشراف اليهودي تمول البحث الأثري لها حزمه من الأغراض مثل العمل في فلسطين حيث كانت مهمته بآثار فلسطين منذ القرن التاسع عشر مما أدى إلي اختلال فلسطين في القرن العشرين وهي من نماذج توظيف علم الآثار للمصلحة السياسية والفكرية. إن الأشباب وراء توظيف الجمعيات لعلم الآثار في هذا القرن لأسباب خاصة هي: 

 

 1-استقطاب الجهات التي تمد البحث الأثري بالمال من خلال المؤسسات والشخصيات.

 

 2-توفر أعداد من المختصين والباحثين في الآثار. وهذه الأسباب هي التي جعلت الجمعيات تنطلق حيث كان بعض العلماء مختص بالآثار داخل وخارج أوربا وظهرت جمعيات كثيرة منها جمعية ألمانية – دنماركية – سويسرية – إنجليزية – فرنسية ونشأت جمعيات إمريكية. نماذج للجمعيات التي قامت في أوربا خلال القرن التاسع عشر:

 

 1-الجمعية الملكية لآثار شمال أوربا: مهتمة بدراسة آثار شمال أوربا Royal Society of Northern Antiquities in Copenhagen 1825

 

2-الجمعية الأمريكية الآنثروبولوجية: قامت في نيويورك وهي مهمته بدراسة مقارنة وصفية للجمعيات التقليدية. إن البحث الأثري في إمريكيا بدأ بالآنثروبولوجي والإثنوغرافي وأن السبب في ذلك هو وجود مجتمعات تقليدية في أمريكا (الهنود الحمر) هذه المجتمعات كانت لها طريقها التي تعيش بها وكان اهتمامهم بها أكثر من اهتمامهم بالآثار – وهم الذين وضعوا القانون الفدرالي في الآثار في العام 1906 م.

 

3-الجمعية الآنثروبولوجية في لندن 1843 م Ethnological Society of London ظهرت بعد سنة من الجمعية السابقة وقد ظهرت في بريطانيا في نفس العام معها عدد من الجمعيات منها جمعية الاتجاه البريطاني الأثري The British Archaeological Association 1843 وجمعية أبحاث أثرية داخل وخارج أوربا Palestine Exploration Sund 1865 نشأت في بريطانيا واهتمت بفلسطين وكان هدفها توظيف الآثار في مسائل دينية بنشر التوراة (Biblical Archaeology) وقامت بتحويل أبحاث أثرية كبيرة في أوربا وحفريات منها حفريات في مدينة القدس في العام 1867 م على يد جيروسلم Jaruselem وحفريات في مدينة أريجا 1872 م على يد جيرجيو (Jericho) وكانت تبحث عن أصول الأعراق اليهودية وهذه الجمعية مادعت لقيام الجمعية الأمريكية لاستكشاف في فلسطين في العام 1870 م. American Palestine Exploration 1870 تطور تقنيات وأساليب علم الآثار حتى نهاية القرن العشرين تدرجت عملية التنقيب الآثاري في القرن العشرين وأصبحت هي المرحلة الرئيسية في مضمار البحث الأثري خصوصاً أن العمل الأثري في معظم جوانبه ظل معتمداً على المهارة اليدوية والعين المتخصصة مستعيناً في ذلك بأدوات يدوية بسيطة. وقد ظهرت في هذا العصر معلومات وابتكارات تكنولوجية ساعدت العمل في الحقل الأثري وسهلت انجاز التنقيب في وقت أسرع وأضيفت معلومات جديدة وطرق لتصنيف المقتنيات الأثرية من أهمها:

 

 1-التصوير الجوي: Air Photography تعتمد هذه في التعرف على مكان الأثر بواسطة تحديد رسمه الهندسي والأدله على هذا الرسم هي علامات في النباتات وعلامات في التربة وتبدو أهمية هذه المقتنيات في ترابطها في الصورة المأخوذة من الجو مثال لذلك وجود مباني من الطين في تربة ما تحت النباتات تزيد من نسبة الرطوبة في الأرض تحتها، مما يسبب نموها بسرعة أكبر بالنسبة للمزروعات المجاورة لها والتي ليس تحتها مباني أو جدران، كذلك فإن لونها يكون مخالفاً لألوان النباتات التي تحيط بها. ولقد ساعد التصوير الجوي في تحديد الرسم الهندسي للمباني والتخطيط العام للموقع الأثري وفي بعض الأحيان الطرق التي تربط بينها مثال استخدامه في حفريات انقاذ آثار النوبة 1960م 

 

 2-الكشف عن الآثار بالأشعة: Xroy Radiography لقد تطورت تقنيات البحث عن الآثار في هذا القرن عندما كان التصوير الفتوغرافي لا يظهر إلا الشكل الخارجي للجسم المصور ولا يمكنه أن يظهر ما بداخله لذلك كان اكتشاف الأشعة السينية التي اكتشفت عام 1890 م ولها القدرة على النفاذ في الأجسام وقوة هذا النفاذ تتوقف على كثافة الجسم المراد بحثه واظهار ما بداخله وقد استمدت هذه الأشعة في الميدان الأثري للكشف عن بعض الطبقات المحتمل وجودها تحت الطبقة السطحية لأثر من الآثار والتي بها نقوش أولها طبيعة مخالفة للطبقة السطحية الموجودة فوقها، حيث استخدمت هذه الطريقة على بعض المومياوات الملكية بالمتحف المصري وعثر بداخل الجسم على بعض الحلي الذهبية.

 

 3-الكشف بالأشعة الكونية: لعله من عجايب القدر إحتواء الكون على جسميات تسمى ميزونات تصل طاقتها إلي ملايين الملايين أو تزيد من الفولت الالكتروني وهي تسقط بانتظام من القضاء الخارجي على سطح الكرة الأرضية، تلك الأشعة اكتشفها فيكتور هس عام 1912 م وسماها أحد علماء الطبيعة باسم الأشعة الكونية عام 1923 م ولقد ظلت هذه الأشعة طوال هذه السنين دون الاستفادة منها في تطبيق عملي بالنسبة للآثار حتى بداية التفكير في مشروع التصوير الكوني للاهرامات المصرية بالجيزة .

 

 4-التحليل الكيميائي لعينات التربة: Soil Analysis استخدمت في هذا القرن طريقة التحليل الكيميائي لعينات التربة لأنها تصلح في تحديد الأماكن التي كانت يوماً ما مأهولة بالسكان أو الأماكن التي استعملت كجبانات لدفن الإنسان والحيوان والتي أصبحت غير ظاهرة بتأثير عوامل الزمن عليها وضياع معالمها. نسبة لإحتواء الأماكن التي قطنها الإنسان والحيوان على أربعة عناصر في التربة هي الفوسفات – الكالسيوم – النيتروجين والكربون، لذلك اتجهت الدراسات لتحليل عدة عينات من التربة في الأماكن المختلفة لتحديد المواقع الغنية بهذه العناصر الأربعة، وبالتالي تعين الأماكن التي كانت آهلة بالسكان وقد أخذت الدراسات في تحديد عينات من أماكن مختلفة الاتجاهات لتحديد صورة تقريبية لحدود المنطقة التي سكنها واستعملها الإنسان ومن ثم تحديد المنطقة ككل.

 

 5-فحص حبوب اللقاح: Pollen Analysis تطور علم الآثار في الفحص الميكروسكوبي لحبوب اللقاح لتحديد أنواع النباتات التي كانت في العصور القديمة وذلك لأن حبوب اللقاح تحتفظ بخصائصها في التربة لمدة طويلة، وقد أجريت هذه الطريقة لتدل على أنواع الحبوب التي كانت تتغذى عليها المستوطنات القديمة. 

 

 6- الطرق الجيوفيزيائية:Geophysics Techniques نتيجة لاستخدام علم الآثار لنظريات علم الفيزياء ظهرت طريقة الكشف عن التركيبات الجيولوجية في القشرة الأرضية للتعرف على مافي باطن الأرض وانحصرت هذه التقنية في عدة طرق منها طريقة تقدير مقاومة التربة للتيار الكهربائي وهي أول وسيلة جيوفيزيائية استخدمت للكشف عن الآثار المطمورة داخل الأرض ويرجع أول تاريخ لاستخدامها منذ عام 1946 م وقد تعرف هذه الطريقة من أن المواد تتفاوت كثيراً في مقاومتها لمرور التيار الكهربائي فمقاومة الصخور الصلبة كالجرانيت والبازلت أعلى من مقاومة الأحجار الرسوبية قليلة الصلابة مثل الحجر الجيري والحجر الرملي ومقاومة هذه الأحجار بدورها أعلى من مقاومة التربة الطينية خاصة إذا وجدت فيها آثار من نوع مختلف عن مادة التربة في بعض الأماكن فإن المقاومة الكهربية في هذه الأماكن تكون مختلفة.

 

7- قياس قوة المجال المغنطيسي : Magnetic Surveying ظهرت في نهاية القرن العشريني طريقة المجال المغنطيسي التي تعتمد على قياس المجال المغنطيسي للأرض في المنطقة التي يجري فيها التنقيب بجهاز الماجنتومتر فإذا كانت التربة خالية من أية آثار ولها طبيعة واحده في كل مكان فإن القراءت التي يسجلها الماجنتومتر تكون واحده في كل أجزاء هذه المنطقة، وتظهر هذه الطريقة الأجسام المطمورة داخل الأرض مثل الفخار والأفران المشيدة بالطين المحروق وكذلك المباني وتستخدم هذه الطريقة بتقسيم المنطقة إلي مربعات ويقاس المجال المغنطيسي في نقط التقاطع وتسجيل النتائج على الورق ومن النتائج غير العادية وأماكن وجودها أو إمتدادها بالمنطقة يمكن في معظم الأحيان تحديد مكان الأثر وشكله العام.

 

 8-الكشف عن الآثار المغمورة تحت الماء Survey Techniques under water Archaeology لم تقتصر أعمال الحفر والتنقيب عن الآثار على الأرض اليابسة بل هناك بحث عن الآثار في قاع البحار والمحيطات. ظهرت ثلاث وسائل في الكشف المبدئي عن الآثار تحت الماء وهي:

 1-المسح بواسطة الغطاسين. 

  2-ما تكشفه شبكات الصيد داخل المياة عن طريق الصدفة.

 3-القيام بمجهودات فردية مثل البحث في قاع البحار والمحيطات . 

 وهناك الوسائل التكنولوجية الحديثة التي ساعدت في تحديد مكان الأثر ومنها:

 1-الأجهزة الصوتية وتعتمد على الموجات الصوتية. 

 2-أجهزة القياس المغنطيسية (مجناتومتر).

 3-أجهزة الكشف عن المعادن وهي تساعد في الكشف عن الآثار المصنوعة من المعادن والغارقة في قاع البحر. 


علم الآثار :

 يعنى علم الآثار بدراسة الإنسان منذ بداية ظهوره كما يعني بدراسة مخلفاته من الأدوات التي صنعها والأسلحة التي استعملها والكهوف والمنازل التي عاش فيها ، والقبور التي حوت رفاته والمعابد التي تعبد فيها والكتابات التي دون بها أعماله وغير ذلك مما يعثر عليه عالم الآثار فوق سطح الأرض , وخاصة أطلال المدن والجبانات ومواطن السكن أو في باطنها من بقايا هذا الإنسان ومخلفاته . فالماضي إذن هو مجال بحث علم الآثار, ويشمل هذا الماضي كل العصور والفترات الزمنية التي عاشها الإنسان والتي وجدت بقاياها في أوروبا وأفريقيا وآسيا . ويتتبع عالم الآثار كل هذه المخلفات خلال حقب الزمن ويقارن بعضها بالبعض الآخر ويحدد عصورها تبعاً لتطور حياة الإنسان وتطور صناعته ، وينتقل في دراسته من العصور الحجرية المختلفة – القديم - والوسيط – الأعلى – الحديث – ثم يدخل معتمداً في هذا التقسيم على المادة التي كان يستخدمها إنسان هذه العصور وأدواته ، ثم هو يقسم تلك العصور ذاتها إلى حقب وفترات طبقاً للتطور في الأدوات و طرازها و أنماطها وزخارفها ، حتى إذا عرف الإنسان الكتابة حدد عالم الآثار بهذه المعرفة بدء العصر التاريخي ، وأعتبر ما قبل ذلك مرحلة مستقلة . ومع بداية العصر التاريخي , يلتقي علم الآثار بعلم التاريخ الذي يعتمد في كتابة التاريخ على الوثائق المدونة ، أما ما قبل ذلك فيعتمد في دراسته على ما يقدمه له علم الآثار الذي يشمل – كما ذكر – الماضي منذ بدأ ظهور الإنسان على الأرض . وإذا علمنا أن أول معرفة الإنسان للكتابة قد بدأت في وادي النيل وفي بلاد النهرين في القرن الثاني والثلاثين قبل الميلاد , نجد أن حقبة العصور التاريخية لا تعدو ستة آلاف سنة بينما يقدر عمر الإنسان على الأرض بنحو عشرة ملايين سنة , وهذا ما يميز علم الآثار عن غيره من العلوم ويجعله علماً مشوقاً لاتساع مجال بحثه ، بل أن علم الآثار قد أمتد في السنوات الأخيرة إلى الكشف عن الآثار الموجودة تحت الماء من حطام السفن الغارقة في البحار والمحيطات أو البقايا البشرية والحيوانية والمنشآت الأثرية التي غمرتها المياه . كما وامتد علم الآثار إلى أبعد من هذا حين شملت اهتمامه آثار الثورة الصناعية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية من الآلات والصناعات التي استحدثها هذه الثورة خلال المائتي الماضية .
* وإذا كان علم التاريخ يعتمد على علم الآثار في معارفه عن عصور ما قبل التاريخ كما يستمد منه المعلومات عن آثار العصور التاريخية أيضاً وما يقدمه في هذا المجال من معلومات تاريخية وحضارية فإن العلمين يتفقان معاً في مناهج البحث إذ أن كلا منهما يعنى بجمع الحقائق وترتيبها وتصنيفها تحليلها وتفسيرها – ولكنهما يختلفان من حيث اعتماد المؤرخ على الوثائق المدونة بينما يعتمد عالم الآثار علة المادة التي خلفها الإنسان وتطورها ولالاتها خاصة فيما يخص عصور ما قبل التاريخ ، كما يعنى عالم الآثار بكل كبيرة وصغيرة مما يعثر عليه لأنه يجد فيها مادته التي يبني عليها معلوماته ويرتب استنتاجاته ، وقد أدى العثور على آثار مصرية محددة التاريخ بين آثار كريت المينوية ، نسبة إلى الملك مينوس الذي حكم مدينة كنوسوس إلى تاريخ هذه الآثار وتاريخ آثار أخرى مشابهة وجدت بعيدة عن قصر كنوسوس , بعدة أميال ، كما أدى العثور في تربة جافة بمدينة أور بالعراق على طبعة قيثارة من الخشب بليت تماماً إلى تشكيل تلك القيثارة التي ترجع لعصر حضارة سومر ومعرفة أدق أجزائها . أما المؤرخ فلا تعنيه دقائق الأشياء ، وإنما يعنى بالمسائل العامة التي تفيده في بناء التاريخ الذي يكتبه ، فلا يهتم بمعرفة التفاصيل المعمارية لقصر أو قلعة وإنما تهمه معرفة باني القصر أو القلعة مثلا ً .

* لم يكن هناك قبل عهد اليونان تاريخ بالمعنى المفهوم ، لأن كلمة تاريخ (History) تعني تحديد الزمن ووصف مجريات الحوادث الماضية فيه ، وقد أطلقت من ثم على العهد الثابت الذي يؤرخ به اليوم مثل التاريخ الميلادي أو التاريخ الهجري أو نحوهما ، ولم تظهر هذه الكلمة في اللغات الأوربية إلا بعد أن أطلق المؤرخ اليوناني الشهير هيردوت في القرن الخامس قبل الميلاد كلمة (Histora) وتعني باليونانية البحث والتحري عن أحداث الماضي وتسجيل هذه الأحداث وتحليلها ، وقد تطابقت الكلمة بهذا المفهوم مع ما ذكره المؤرخ العربي الشهير ابن خلدون بعد ذلك بكثير عندما عرف التاريخ في مقدمته على أنه بحث ونظر وتدقيق وتمحيص في أحداث الماضي ، ومن هنا فهو سجل لهذا الماضي يمكن من خلاله دراسة تطور الإنسان ، وما أحدثه في الحياة البشرية من منجزات حضارية ومادية أو روحية .

وعلى ذلك فإن العلاقة بين علم التاريخ والآثار لا تنحصر في أن المعرفة بحضارة الإنسان هي حصيلة تتراكم على مر الزمان ، ويساعد على الآثار على مدها بالمعلومات ، لأن المؤرخ لا يجابه هذا الماضي بمفرده مباشرة ، وإنما يجابهه عن طريق الآثار والنصوص التي خلفها هذا الإنسان ، وعلم الآثار هو العلم الذي يعتمد على جمع هذه المخلفات وتحليلها لاستكشاف حقيقة الماضي منها .

* إن الآثار والتاريخ صنوان فهما يبحثان في معرفة العصور الماضية لكنهما يختلفان في مصدر المعلومات والمنهجية والتقنية التي تقود إلى الحصول على المعلومة .فالمؤرخون يدرسون النصوص التاريخية بينما الآثاريون يضيفون إليها المادة الأثرية المحسوسة والملموسة .على أية حال ،فان الآثار هو مختبر التاريخ مجازيا فمثلا لولا حصول الحفريات الأثرية في موقع تل مرديخ (إبلا) بسوريا لما تعرف المؤرخون على مملكة إبلا والتي

قامت خلال النصف الثاني من الألف الثالث والألف الثاني قبل الميلاد ،إذا لم يأت على ذكرها أي تاريخي .

كذلك فان التاريخ يبدأ مع بداية الكتابة وهذه كانت في النصف الثاني من الألف الرابع قبل الميلاد في بلاد الشرق الأدنى القديم والقرن الأول ميلادي ببريطانيا.هذا يعني أن فترات ما قبل التاريخ ،والتي بدأت قبل أكثر من مليون سنة في بلادنا لا تدخل ضمن اهتمام المؤرخين .كما إن الاثاريين يدرسون موضوعات متعددة لها علاقة بكثير من الأمور الإنسانية مثل كيفية المعيشة وبداية ظهور القرى والمدن وتكوين الدول . وهذا الأمر يفعله المؤرخون أيضا ولكنهم يعتمدون في استنتاج أرائهم على ما كتبه غيرهم بعكس الاثاريين الذين يعتمدون المادة الأثرية .ليس هذا فقط فإذا ما عملنا بان المؤرخ متحيز في بعض الأحيان لشخص يحبه أو فكرة في ذهنه فانه ينقل وجهة نظر التي يريد هو .ولنضرب مثالا هنا على ما حدث بعد الانتهاء من معركة قادش (حوالي 1260ق.م)والتي حدثت بين المصرين والحثيين سكان الأناضول إذ أننا نجد أن كلا منهما ادعى النصر لنفسه وهذا ما أشارت إليه نصوص المعاهدة المكتوبة والتي وجدت في كل من مصر وتركيا .وحار العلماء بأمر لمن كانت الغلبة حتى اتضح بان مملكة ماري (تل الحريري )كان قبل المعركة يدفع الجزية للمصرين أما بعدها فانه قد دفعها للحثيين .ويمكننا القول أيضا بان المؤرخ يؤرخ للطبقة الحاكمة في المجتمع ويسجل الأحداث العامة بينهما .

على أية حال .وبالرغم مما ذكر أعلاه فان الكتابات التاريخية تعين الآثاريين كثيرا في معرفة الماضي فهذا نقش الملك ميشع المؤابي المؤرخ لحوالي 850 قبل الميلاد يخبرنا بالأعمال العظيمة التي التي قام بها هذا ،بالإضافة إلى انه هزم الملك احاب بن عمري ملك إسرئيل كما أقام المدن.

 

 

 

 

 

تعليقات

  1. موضوع شيق جدا.
    هل أجد عندكم معلومات عن الرفع الأثري؟

    ردحذف
  2. علم الاثار تتمحور حوله كل العلوم فعلم الانثروبولوجيا (علم الانسان وسبب الوفيات الجماعية ودراسة الجماجم) والجيولوجيا ( علم التنقيب ) والفيزياء ( التصوير بالاشعة السينية ) والكيمياء ( دراسة المواد العضوية وتحليلها واثبات تواريخها )وعلم النقوش والزخارف والنحوت من خلالها تبرز نتائج تواريخ ومواقع اللقى الاثرية كذلك علم الخرائط.
    وفقكم الله ونفع بكم

    ردحذف
  3. ابحث عن علم الهندسة والخرائط ماذا يدرس

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علم آثار ما قبل التاريخ

معبد حتحور دندرة Temple of Hathor, Dendera